( كَيْفَ أَنْتِ ؟ )
وَإِلْفٌ لَــــــــــــــنَا كُنَّا زَمَانَاً نُصَاحِبُهْ * تَأَمَّرَ فَاعْتَاصَتْ عَلَيْـــــــــــــــــــنَا مَطَالِبُهْ
إِذَا مَاقَعَدْنَا عَنْهُ لَمْ يُجْرِ ذِكْرَنَا * وَإِنْ نَحْنُ جِئْنَا صَدَّنَا عَنْهُ حَاجِبُهْ
"للشَّاعِرِ يَزِيْدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِهْلَبِيِّ" مِنْ شُعَرَاءِ الْدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ
كَيْفَ أَنْتِ ؟ أَرْجُوْ أَنْ تَكُوْنِيْ بِخَيْرٍ ... اِشْتَقْتُ لَكِ كَثِيْرَاً ... شُوْقَاً بَلَغَ عَنَانَ الْسَّمَاءِ ، اِشْتَقْتُ لَكِ عَدَدَ قَطْراتِ الأَنْهَارِ ، وَأَوْرَاقِ الأَشْجَارِ ، اِشْتَقْتُ لَكِ مِدَادَ الْكَلِمَاتِ .
( ... ) أُحِبُّكِ حُبَّاً لَمْ تَرَيْ مِثْلَهُ وَلَنْ تَرِيْ بَعْدهُ ... فكَيْفَ أَنْتِ ؟ . لَقَدْ أَصْبَحْتُ بَعْدَكِ عَاشِقَاً ، هَائِمَاً ، مَجْنُوْنَاً ، مُغْرَمَاً ، مُتَيَّمَاً بِكِ ، طِفْلاً يَتِيْمَاً كَسِيْرَاً يَحِنُّ لَكِ !! فكَيْفَ أَنْتِ ؟ .
(... ) دُلِّيْنِيْ عَلَى طَبِيْبٍ لِيَخِيْطَ جُرْحَكِ ، أَوْ رَاقٍ لِيَفُكَّ سَحْرَكِ ، أَوْ مَلَكٍ مَثْلَكِ ؟! .
فِيْ نَهَارِيْ أُعَاتِبُكِ ، وفِيْ لَيْلِيْ أُسَامِرُكِ .
لِذِكْرَاكِ يَا ( ... ) أَلَمَاً وَكَمَدَاً ! لَقَدْ جَمَعْتُ أَيَّامَ عُمْرِيْ فَرَأَيْتُهَا قَصِيْرَةً مَعْكِ ! فَانِيَةً بِدُوْنَكِ ! .
رَأَيْتُ بَعْدَكِ نِسَاءً كُثُراً وَفِيْ كُلِّ اِمْرَأَةٍ مِنْهُنَّ خَصْلَةٌ أَوْخَصْلَتَانِ حَمِيْدَتَانِ ، أَيْقَنْتُ حِيْنَهَا أَنَّكِ مَلَكٌ لابَشَرٌ ! فَجَمَالُكِ قَاهِرٌ قَاتِلٌ سَاحِرٌ لايُنَافِسُكِ فِيْهِ أَحَدٌ ! ! ثِقِيْ بِذَلِكَ .
لِعَيْنَيْكِ بَرِيْقَيْنِ لامِعيْنِ ! وفِيْ مَحْجَرَيْكِ خَتْمَيْنِ أَسْوَدَيْنِ .
مَا أَزْكَى فَتِيْتَ مِسْكَكِ ، وَمَا أَحْلَى شَهْدُ ثَغْرَكِ ، فَارِعَةٌ سَاحِرَةٌ سَأَجْعَلُ بَقِيَّةَ وَصْفَكِ بَيْنِيْ وَبَيْنَكِ سِرَّاً دَفِيْنَاً ، فكَيْفَ أَنْتِ ؟ .
(... ) إِنَّ أُنُوْثَتَكِ طَاغِيَةٌ ! .
كَمْ أَنْتِ مَجْنُوْنَةٌ حِيْنَ تُلاعِبِيْنِيْ كَطِفْلٍ !
بَحَثْتُ وَبَحْثَتُ فَلَمْ أَجِدْ مَثْلَكِ ! لِمَ أَنْتِ نَادِرَةٌ ؟
أَتَذْكُرِيْنَ حِيْنَ تَراءَيْنَا لأَوَّلِ مَرَّةٍ ؟
أَتَذْكُرِيْنَ أَوَّلَ وَرْدَةٍ أَهْدَيْتُكِ إِيَّاهَا ؟
رَحَلْتِ وَرَحَلَ قَلْبِيْ مَعْكِ أَلاَ يَعْلَمُ رَبِّيْ كَمْ أَحِنُّ لَكِ وَإِلَيْكِ ، بَلَى يَعْلَمُ وَلَكِنَّ الْبَلاءَ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَحَدٌ ! ، فَكَيْفَ أَنْتِ ؟
فَـ يَارَبِّ أَفْرِغْ عَلَيَّ صَبْرَاً ، وَأَبْدِلْ حُزْنِيْ فَرَحَاً ، وَهَمِّيْ فَرَجَاً . رَبِّ كَمَا حَرَمْتَنِيْهَا بِقَدَرِكَ ، فَاجْمَعْنِيْ بِهَا بِفَضْلِكَ وَجُوْدِكَ فِيْ دَارِكَ ، آمِيْنَ .
كُتِبَ بَقَلَمِ أَبِيْ الْعَبَّاسِ فِيْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مَسَاءً وَتِسْعِ وَأَرْبَعِيْنَ دَقِيْقَةً مِنْ لَيْلَةِ الأَحَدِ الْمُوَافِقِ لِلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ جَمادَى الأُوْلَىْ لِعَامِ ثَلاثَةٍ وَثَلاثِيْنَ وَأَرْبَعِ مِئِةٍ وَأَلْفِ مِنَ الْهِجْرَةِ .
مواقع النشر (المفضلة)